ابتدأ الشارح رحمه الله تعالى بمحاولة تقريب الخلاف بين السلف وبين الإمام
أبي حنيفة رحمه الله تعالى، وانتهى ببيان أن بعض المنتسبين للإمام
أبي حنيفة أو
المرجئة الفقهاء قد غلوا، وجعلوا الإيمان متساوياً لا متفاضلاً، وأخذ يطيل في الرد عليهم وبيان أن الإيمان يتفاضل، وعبارة الإمام
الطحاوي رحمه الله هي المشكلة، وإن كانت أيضاً محاولة الشارح عليها ملاحظات، لكن المشكل هو في كلام الإمام رحمه الله حيث قال: (والإيمان واحد وأهله في أصله سواء) حيث جعل أهل الإيمان في أصله سواء، ثم جعل التفاوت بينهم في الخشية والتقوى، وسنبدأ ببيان ما نسبوا إلى الإمام
أبي حنيفة رحمه الله تعالى، مع أن الظن بالإمام
أبي حنيفة رحمه الله وقدامى
المرجئة الفقهاء أنهم لا يخرجون أعمال القلب من الإيمان، مثل: الخشية والتقوى والرغبة والرهبة واليقين والإخلاص والصبر والصدق والتوكل وغير ذلك؛ ولهذا نجد أن الشارح رحمه الله يميل إلى هذا، فجاءت هذه المحاولة منه لإنكار قول من غلا في قوله: إن الإيمان لا يتفاضل ولا يتفاوت؛ ليقرر بذلك أن المذهبين متقاربان، وأن الإمام
أبا حنيفة رحمه الله يقول: إن العمل مطلوب وواجب ولا بد منه، وأن تارك ما فرضه الله مستحق للوعيد، وأنه في الآخرة تحت مشيئة الله سبحانه وتعالى، كما يقول بقية
أهل السنة والجماعة ، وعلى هذا فما يقوله الإمام في شأن تفاضل أو تفاوت أهل الإيمان فيه لا يمكن إلا أن يكون قريباً من ذلك، لكن هذه المحاولة لا يقر بها متأخروا
المرجئة ، بل هم يقولون: إن الإمام
أبا حنيفة رحمه الله على مذهبهم في أن الإيمان هو مجرد ما في القلب، وأن الإقرار -فضلاً عن بقية الأعمال- إنما هو شرط أو ركن زائد أو ما أشبه ذلك كما تقدم من نقولهم، وسنأتي بنص من كلامهم الذي نسبوه إلى الإمام
أبي حنيفة ، لأنا لا نستطيع أن نجزم بأنه للإمام، بل في إمكاننا أن نجزم أن الإمام
أبا حنيفة لم يقل هذا الكلام.